إنفلونزا المديونية
صدق أو لا تصدق أن أمانة عمان الكبرى تراجع البنوك للحصول على قرض مصرفي بمبلغ 225 مليون دينار لتمويل عمليات استملاك أراض ثمينة لإقامة مجمع للوزارات والدوائر الحكومية كي لا يتحمل المواطن عناء الانتقال من وزارة إلى أخرى إذا كانت له مصالح في عدة وزارات!.
المبلغ هائل، ويضاف إلى مئات الملايين من الدنانير التي ستقترضها الحكومة هذه السنة من البنوك، بحيث لا يبقى للقطاع الخاص أي تمويل، بل يستمر الضغط على المقترضين الحاليين لتسـديد قروضهم لتوفير المال لإقراض القطاع العام.
إذا انخفض النمو الاقتصادي في الأردن فلا يجوز أن نلوم الأزمة العالمية وتأثيراتها الهامشية، فالتباطؤ، أو حتى التراجع، ستتحمل مسؤوليته سياسة الانفلات المالي للقطاع العام، التي تظن أن البنوك منجم ذهب تسحب عليه الآن على أن تتحمل الأجيال القادمة كلفة تسديد الدين، الأمر الذي يذكرنا بما حدث قبل عشرين عاماً، عندما لجأنا إلى صندوق النقد الدولي ليفرض علينا شروطه، ويدفعنا ثمناً غالياً.
ولكن لماذا هذه الاستدانة الهائلة؟ لاستملاك أراض متميزة وإقامة مجمع دوائر ليس له لزوم وتحويل الحكومة إلى مستأجر لدى المستثمر الخارجي، علماً بأن العالم تراجع عن فكرة المجمعات الحكومية.
تجميع الوزارات والدوائر في نقطة واحدة تشكل نقطة ضعف أمنية، والفوائد المستحقة على التمويل تفوق عدة أضعاف كلفة الإيجارات الحالية التي تدفعها الوزارات كما وردت في الموازنة العامة، وأكثرها قديم ورخيص.
أوضاع الوزارات والدوائر ومواقعها الحالية مستقرة، وكلفتها بسيطة، يكفي القول بأن الإيجار السنوي للمبنى الحالي لوزارة المالية 100 ألف دينار فقط في حين سيكون على الوزارة أن تدفع الملايين بموجب الترتيبات المقبلة.
ولكن، ما شأن بلدية عمان بإسكان الوزارات؟ ولماذا تأخذ على عاتقها تكاليف غير لازمة وتستدين مبالغ طائلة مع أنها تعاني من عجز مالي فادح، ومتى ستحقق فوائض لتسديد ديونها، وكيف تقبل الحكومة ارتفاع كلفة الإيجارات عشر مرات، وتحويلها للخارج بالدولار، وهل هذا هو الطريق الصحيح للتقشف وتخفيض العجز؟.
في أجواء تفاقم عجز موازنة الحكومة المركزية وعجز موازنة أمانة عمان وباقي البلديات والجامعات الرسمية نتذكر أزمات سابقة واللجوء إلى صندوق النقد الدولي، فهل يعيد التاريخ نفسه ونلدغ من نفس الجحر مرة ثانية؟.
د.فهد الفانك